ممثل سماحة المرجع النجفي (دام ظله) يستقبل وفداً من طلبة الغرَّاف ويحثهم على طلب العلم واستثمار الوقت.
26/1/2025
استقبل ممثل المرجع الديني النجفي (دام ظله) ومدير مكتبه المركزي في النجف الأشرف سماحة الشيخ علي النجفي (دام تأييده) وفداً من طلبة قضاء الغرَّاف بمحافظة ذي قار، حيث قدم دروساً عميقة حول التفقه بالدين، وأهمية الوعي الفكريّ، ومحوريَّة العلم كوسيلةٍ للنهوض بالمجتمع والأمة، مؤكِّداً على دور الشباب في تحقيق هذه الغايات العظيمة.
قيمة الوقت: فرصةٌ لا تُعوَّض
تطرَّق سماحة الشيخ النجفي إلى أهمية الوقت في حياة الإنسان، واصفاً إياه بأنه "أحد النِّعم الكبرى التي قد يفرّط فيها كثيرون دون وعي"، وأردف قائلاً: "الوقت كالسيف، إنْ لم تقطعه قطعك. اليوم الذي يمرّ لا يعود، والساعات التي تُهدر لا يمكن استعادتها".
واستعرض الشيخ إحصائيَّةً تقريبيةً لتوضيح حجم الوقت المهدر بسبب استخدام الهواتف المحمولة والإنترنت، حيث أوضح أنَّ "متوسط استخدام الهاتف يبلغ نحو 7 ساعات يومياً، ما يعني أنَّ الإنسان يقضي حوالي 20 سنة من عمره على الإنترنت بحساب العمر المتوقع". ودعا الشباب لاستثمار أوقاتهم في أمورٍ مفيدةٍ كالدراسة، التعلم، أو تطوير المهارات.
تحذير من الإنترنت والمحتوى الفارغ
وجه الشيخ علي النجفي تحذيراً صريحاً من الاستخدام المفرط للإنترنت وما يصاحبه من محتوى غير مفيد، قائلاً: "اليوم نجد أنفسنا منشغلين بمحتوى لا ينفعنا، بل يضرّنا ويهدر وقتنا. غيبة، نميمة، أو حتى تقليعات بلا قيمة، كمن يظهر مرتدياً زياً غريباً فقط لجذب الانتباه. علينا أنْ نتساءل: أين تذهب ساعاتنا؟".
الدنيا: مرحلة قصيرة ومحدودة التأثير
ألقى الشيخ النجفي الضوء على المراحل الأربع لحياة الإنسان، مشيراً إلى أنَّ "الدنيا هي المرحلة الأكثر تأثيراً على ما بعدها"، وأضاف: "قد تكون مدة الحياة في القبر أطول من مدَّة العيش في الدنيا، لكن أثر الأعمال التي نقوم بها هنا يمتد إلى عالم البرزخ وما بعده".
وشدَّد على أهمية أنْ يحسب الشباب خطواتهم في هذه المرحلة القصيرة من الحياة، متسائلاً: "كيف نقضي أيامنا؟ هل نعمل لما ينفعنا في الدنيا والآخرة؟ أم نترك الوقت يضيع دون فائدة؟".
النِّعم الإلهيَّة: شكرها يبدأ بالتأمل
ناقش سماحته النِّعم التي أنعم الله بها على الإنسان، داعياً إلى التفكر فيها وشكر الله عليها، وقال: "إنَّ الله سبحانه وتعالى منحنا نعماً لا تُعد ولا تُحصى، من صحةٍ وعقلٍ وعافية، بل جعلنا من الموالين لأهل البيت (عليهم السلام). ومن وجد برد حبّنا أهل البيت عليه أنْ يشكر الله على أولى النِّعم".
موضحاً أنَّ في جسم الإنسان والمحيط من الطبيعة والعلوم وغيرها من النعم التي لا تُعد ولا تُحصى، وعلى كلِّ واحدةٍ يجب أن يقدم الإنسان الشكر لله سبحانه وتعالى للحفاظ عليها وديمومتها.
التفقه في الدين: بوابة السعادة والوعي
افتتح الشيخ النجفي حديثه بالتأكيد على أهمية التفقه في الدين باعتباره البوابة التي تنير الطريق نحو السعادة الدنيوية والأخروية، قائلاً: "لا يمكن للإنسان أنْ يفهم رسالته الحقيقية دون التفقه في دينه، فهو النور الذي يهدي القلوب ويُصلح العقول".
وشدَّد سماحته على ضرورة تعلّم أحكام الدين وفهم مبادئه، مشيراً إلى أنَّ "الشباب الذين يتفقهون في دينهم يكونون أكثر قدرة على التمييز بين الحق والباطل، وأكثر قدرةً على مواجهة تحديات الحياة".
معرفة الدين: الحصن أمام التيه الفكري
تحدَّث سماحته عن خطر الجهل بالدين وما يترتب عليه من ضعفٍ فكريٍّ وعقائديٍّ قائلاً: "معرفة الدين ليست ترفاً، بل ضرورة لحماية أنفسنا ومجتمعنا من التيه الفكري والعقائدي".
وأضاف أنَّ هناك محاولاتٍ مستمرةً لزرع الشبهات في عقول الشباب، وقال: "إنَّها مخططاتٌ تستهدف إبعاد الشباب عن هويتهم الدينية، وعن قيمهم الأخلاقية. لا يمكننا أنْ نترك هذه الشبهات تغرس جذورها، وعلينا مواجهتها بالفهم الصحيح للدين".
ودعا الشباب إلى الرجوع إلى العلماء والمراجع لاستفسارهم عن أيَّةٍ شبهة تواجههم.
أكَّد الشيخ النجفيُّ أنَّ الأمة الإسلامية تمتلك رصيداً عظيماً من التاريخ ورجالها العظماء الذين يشكلون قدوةً للشباب، قائلاً: "لدينا أئمة وعلماء وقفوا في وجه التحديات وأثبتوا للعالم عظمة الإسلام وقيمه. علينا أنْ ننظر إليهم كنماذج تُلهمنا في حياتنا اليومية".
العلم: سلاح للنجاح والنهوض بالمجتمع
أوضح سماحته أهمية العلم في بناء الفرد والمجتمع، قائلاً: "هدفنا تحقيق النجاح في طلب العلم، لأنَّ هذا النجاح هو سلاحنا للنهوض بمجتمعنا وجعل التخلف والفقر من الماضي".
وأشار إلى أنَّ الأمة التي تضع العلم على رأس أولوياتها تصبح قادرةً على تجاوز التحديات والصعوبات، مضيفاً: "طلب العلم ليس فقط لتحصيل الشهادات، بل لجعل هذا العلم أداةً للإصلاح والتقدم".
الاستعداد للظهور المقدس للإمام المهدي (عج)
ربط الشيخ النجفي بين دور العلم وبين الاستعداد للظهور المقدس للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، وقال: "هذا العلم الذي نسعى لتحصيله هو ضمن إطار الاستعداد لخدمة المولى صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء). الإمام يريد منا شباباً واعياً، مثقفاً، متعلماً، مجتهداً، متعبِّداً ومتفقهاً".
وأضاف: "الإمام (عجل الله تعالى فرجه) لا يريد أمةً ضعيفةً جاهلةً، بل أمة قوية تمتلك سلاح العلم والمعرفة لتكون مؤهلة لنصرته وتحقيق رسالته".
رسالة الأمل للشباب
اختتم الشيخ النجفي كلمته برسالة أملٍ وتحفيزٍ للشباب، مؤكّداً أنَّ النجاح والتفوق ليسا مجرد أهداف شخصية، بل مسؤولية جماعية للنهوض بالمجتمع والأمة، قائلاً: "كونوا قدوةً لغيركم، واصنعوا من علمكم وسيلةً لخدمة دينكم ومجتمعكم. أنتم الأمل، وأنتم النور الذي ينتظره الإمام (عجل الله تعالى فرجه) ليضيء به ظلمات الجهل والضلال".
رسالة أمل للشباب: أنتم نواة التغيير
في ختام كلمته، حثّ سماحة الشيخ الشباب على التمسك بقيمهم واستثمار مواهبهم، مشيراً إلى أنَّ "الطاقة الشبابية هي الركيزة الأساس للتغيير". وقال: "أنتم أبناء أمير المؤمنين (عليه السلام) وتربّيتم في مجالس سيد الشهداء (عليه السلام). الفرصة بين أيديكم، فاستثمروها لتكونوا مصابيح الهداية لعالم يحتاج إلى نور أهل البيت (عليهم السلام)".
على صعيد ذي صلة، قدّم سماحة السيد طاهر الجزائري محاضرة وتوجيهات خصّ فيها الشباب، مؤكداً على أهمية الالتزام بالتعاليم الإسلامية الحنيفة، وضرورة خلق الوعي في صفوفهم من خلال الاطلاع على المعارف الإسلامية، والتي من أهمها القرآن الكريم ومعارفه. وأوضح أن التماسك يجب أن يكون مرتبطاً بشكل فاعل وواقعي تحت ظلال النبي الأعظم وأهل بيته الأطياب الأطهار (صلوات الله عليهم).
كما حذر الجزائري، في الوقت ذاته، مما قد يتعرض له الشباب من مغريات ومكائد الشياطين، مشدداً على أهمية ألا يدعوا أي شبهة أو فكرة تدور في أذهانهم دون أن يسألوا المختصين فيها. وأكد أن أبواب المرجعية الدينية مفتوحة أمامهم للإجابة والمتابعة.